Wednesday, March 14, 2007

في الممنوع - مجدي مهنا

«فلاحو دكرنس يواصلون الاعتصام في أراضيهم لليوم السابع.. ويطالبون بتدخل الرئيس».
كان هذا هو عنوان التقرير الخبري الذي كتبته الزميلة غادة عبدالحافظ مراسلة «المصري اليوم» في الدقهلية، وسبب الاعتصام هو صدور أحكام قضائية نهائية بطرد الفلاحين من الأراضي التي تسلموها في عام ١٩٦١ من الإصلاح الزراعي، وإعادتها إلي ملاكها الأصليين قبل انتزاعها منهم.
وقبل أيام ناشد نادي مجلس الدولة، الرئيس حسني مبارك التدخل لاستصدار قرار بسفر زميلهم القاضي الشاب للعلاج علي نفقة الدولة في الخارج، ثم مناشدة أخري للرئيس بالتدخل لمنع المذبحة التي كان يعدها وزير العدل المستشار ممدوح مرعي ضد أحد القضاة.
وكل يوم نقرأ في الصحف أخباراً ومناشدات، تطالب بتدخل رئيس الجمهورية لحل مشكلة ما، بعد أن سدت أمامهم جميع السبل.
وأصحاب الشكاوي والعرائض مواطنون عاديون، ورجال أعمال، وعمال يتظاهرون للمطالبة بحقوقهم أو لمجرد إحساسهم بالخوف من طردهم من عملهم
ومن يتابع هذه الظاهرة، لابد أنه سيصل إلي قناعة بأنه لا يوجد مسؤول في مصر غير رئيس الجمهورية، هو وحده الذي يملك سلطة إصدار القرار في مصر، وهو الذي يتدخل لحل المشكلات، كبيرها وصغيرها، ودولة تدار بهذا الشكل، جميع المسؤولين فيها ينتظرون قرار الرئيس وتعليماته، لابد أن تتفجر فيها الأزمات كل يوم، وتصاب شرايين نظام الحكم بالجلطات وبتصلبها وعدم تدفق الدماء بداخلها، وترسب الدماء الفاسدة بها.
المصريون اليوم لا حل لمشكلاتهم، إلا بالذهاب إلي أولياء الله الصالحين، للدعاء بانفراج أزماتهم ومشكلاتهم، أو بالذهاب إلي الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية، لكي يقوم بنفسه بتصعيد المشكلة إلي رئيس الجمهورية،
ولا طريق ثالث، طريقان فقط لحصول المصريين علي حقوقهم، بعد أن أصبح المواطن الذي يلجأ إلي القضاء للحصول علي حقه يعاني الأمرين في سبيل تنفيذ حكم القضاء الصادر لصالحه، بعد رحلة معاناة طويلة في المحاكم قد تستمر سنوات وسنوات، وفي النهاية قد يلجأ إلي الصحف أو إلي بعض البرامج في التليفزيون والفضائيات لمناشدة رئيس الجمهورية تنفيذ حكم القضاء.
كثيراً ما نقرأ في الصحف عن مناشدات من هذا النوع، وكأن احترام أحكام القضاء يتطلب تدخل رئيس الجمهورية لتنفيذها.
قد تصلح هذه الطريقة في الحكم في إدارة «قرية» في ريف أو صعيد مصر، لكنها لا تصلح لإدارة وطن في حجم مصر، أن يتحول رئيس الجمهورية إلي عمدة، هو الذي يأمر وينهي، وهو الذي يقرر كل شيء، وهو كبير العائلة الذي يتم الرجوع إليه في كل صغيرة وكبيرة.
وحتي هذه الطريقة لم تعد قائمة في القري، ومهمة العمدة اختلفت الآن عن أيام زمان، فلم يعد له هذا النفوذ والسلطة اللذان كان يتمتع بهما في الماضي، فما بالنا برئيس جمهورية مسؤول عن ٧٧ مليون مواطن، كيف يدير شؤونهم علي طريقة «عمدة» زمان؟ والحمد لله أننا لم نقرأ حتي الآن في الصحف عن مناشدة إحدي الزوجات تدخل رئيس الجمهورية لحمايتها من معاملة زوجها لها، لكن لو حدث ذلك فلن يكون غريباً، لأن مناشدات المواطنين للرئيس لم تترك له شيئاً لا تطالبه بالتدخل فيه لحله، سوي الخلافات الزوجية!

No comments: